فصل: فوائد لغوية وإعرابية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وهو تقرير لحال الرماة. وقد ضعف فريق منهم أمام إغراء الغنيمة؛ ووقع النزاع بينهم وبين من يرون الطاعة المطلقة لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتهى الأمر إلى العصيان. بعد ما رأوا بأعينهم طلائع النصر الذي يحبونه. فكانوا فريقين: فريقًا يريد غنيمة الدنيا وفريقًا يريد ثواب الآخرة. وتوزعت القلوب فلم يعد الصف وحدة ولم يعد الهدف واحدًا. وشابت المطامع جلاء الإخلاص والتجرد الذي لابد منه في معركة العقيدة. فمعركة العقيدة ليست ككل معركة.
إنها معركة في الميدان ومعركة في الضمير. ولا انتصار في معركة الميدان دون الانتصار في معركة الضمير. إنها معركة لله فلا ينصر الله فيها إلا من خلصت نفوسهم له.
وما داموا يرفعون راية الله وينتسبون إليها فإن الله لا يمنحهم النصر إلا إذا محصهم ومحضهم للراية التي رفعوها؛ كي لا يكون هناك غش ولا دخل ولا تمويه بالراية. ولقد يغلب المبطلون الذين يرفعون راية الباطل صريحة في بعض المعارك- لحكمة يعلمها الله- أما الذين يرفعون راية العقيدة ولا يخلصون لها إخلاص التجرد فلا يمنحهم الله النصر أبدًا حتى يبتليهم فيتمحصوا ويتمحضوا.. وهذا ما يريد القرآن أن يجلوه للجماعة المسلمة بهذه الإشارة إلى موقفهم في المعركة وهذا ما أراد الله سبحانه أن يعلمه للجماعة المسلمة وهي تتلقى الهزيمة المريرة والقرح الأليم ثمرة لهذا الموقف المضطرب المتأرجح!
{منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة}.
والقرآن يسلط الأضواء على خفايا القلوب التي ما كان المسلمون أنفسهم يعرفون وجودها في قلوبهم.
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: ما كنت أرى أن أحدًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد الدنيا، حتى نزل فينا يوم أحد: {منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة}.. وبذلك يضع قلوبهم أمامهم مكشوفة بما فيها؛ ويعرفهم من أين جاءتهم الهزيمة ليتقوها!
وفي الوقت ذاته يكشف لهم عن طرف من حكمة الله وتدبيره، وراء هذه الآلام التي تعرضوا لها؛ ووراء هذه الأحداث التي وقعت بأسبابها الظاهرة: {ثم صرفكم عنهم ليبتليكم}.
لقد كان هناك قدر الله وراء أفعال البشر. فلما أن ضعفوا وتنازعوا وعصوا صرف الله قوتهم وبأسهم وانتباههم عن المشركين وصرف الرماة عن ثغرة الجبل وصرف المقاتلين عن الميدان فلاذوا بالفرار.. وقع كل هذا مرتبًا على ما صدر منهم؛ ولكن مدبرًا من الله ليبتليهم.. ليبتليهم بالشدة والخوف والهزيمة والقتل والقرح؛ وما يتكشف عنه هذا كله من كشف مكنونات القلوب ومن تمحيص النفوس وتمييز الصفوف- كما سيجيء.
وهكذا تقع الأحداث مرتبة على أسبابها وهي في الوقت ذاته مدبرة بحسابها. بلا تعارض بين هذا وذاك. فلكل حادث سبب ووراء كل سبب تدبير.. من اللطيف الخبير..
{ولقد عفا عنكم}.
عفا عما وقع منكم من ضعف ومن نزاع ومن عصيان؛ وعفا كذلك عما وقع منكم من فرار وانقلاب وارتداد.. عفا عنكم فضلًا منه ومنة وتجاوزًا عن ضعفكم البشري الذي لم تصاحبه نية سيئة ولا إصرار على الخطيئة.. عفا عنكم لأنكم تخطئون وتضعفون في دائرة الإيمان بالله والاستسلام له وتسليم قيادكم لمشيئته: {والله ذو فضل على المؤمنين}.
ومن فضله عليهم أن يعفو عنهم ما داموا سائرين على منهجه مقرين بعبوديتهم له؛ لا يدعون من خصائص الألوهية شيئًا لأنفسهم ولا يتلقون نهجهم ولا شريعتهم ولا قيمهم ولا موازينهم إلا منه.
فإذا وقعت منهم الخطيئة وقعت عن ضعف وعجز أو عن طيش ودفعة.. فيتلقاهم عفو الله بعد الابتلاء والتمحيص والخلاص.
ويستحضر صورة الهزيمة حية متحركة: {إذ تصعدون ولا تلوون على أحد والرسول يدعوكم في أخراكم}.
كي يعمق وقع المشهد في حسهم؛ ويثير الخجل والحياء من الفعل ومقدماته التي نشأ عنها من الضعف والتنازع والعصيان.. والعبارة ترسم صورة حركتهم الحسية وحركتهم النفسية في ألفاظ قلائل.. فهم مصعدون في الجبل هربًا في اضطراب ورعب ودهش لا يلتفت أحد منهم إلى أحد! ولا يجيب أحد منهم داعي أحد! والرسول صلى الله عليه وسلم يدعوهم، ليطمئنهم على حياته بعد ما صاح صائح: إن محمدًا قد قتل فزلزل ذلك قلوبهم وأقدامهم.. أنه مشهد كامل في ألفاظ قلائل..
وكانت النهاية أن يجزيهم الله على الغم الذي تركوه في نفس الرسول صلى الله عليه وسلم بفرارهم غمًا يملأ نفوسهم على ما كان منهم، وعلى تركهم رسولهم الحبيب يصيبه ما أصابه- وهو ثابت دونهم وهم عنه فارون- ذلك كي لا يحفلوا شيئًا فاتهم ولا أذى أصابهم. فهذه التجربة التي مرت بهم وهذا الألم الذي أصاب نبيهم- وهو أشق عليهم من كل ما نزل بهم- وذلك الندم الذي ساور نفوسهم وذلك الغم الذي أصابهم.. كل ذلك سيصغر في نفوسهم كلّ ما يفوتهم من عرض وكل ما يصيبهم من مشقة: {فأثابكم غمًا بغم لكي لا تحزنوا على ما فاتكم ولا ما أصابكم}.
والله المطلع على الخفايا يعلم حقيقة أعمالكم ودوافع حركاتكم: {والله خبير بما تعملون}.
ولقد أعقب هول الهزيمة وذعرها وهرجها ومرجها سكون عجيب. سكون في نفوس المؤمنين الذين ثابوا إلى ربهم وثابوا إلى نبيهم. لقد شملهم نعاس لطيف يستسلمون إليه مطمئنين!
والتعبير عن هذه الظاهرة العجيبة يشف ويرق وينعم حتى ليصور بجرسه وظله ذلك الجو المطمئن الوديع: {ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسًا يغشى طائفة منكم}.
وهي ظاهرة عجيبة تشي برحمة الله التي تحف بعباده المؤمنين؛ فالنعاس حين يلم بالمجهدين المرهقين المفزعين ولو لحظة واحدة يفعل في كيانهم فعل السحر ويردهم خلقًا جديدًا ويسكب في قلوبهم الطمأنينة كما يسكب في كيانهم الراحة. بطريقة مجهولة الكنه والكيف! أقول هذا وقد جربته في لحظة كرب وشدة. فأحسست فيه رحمة الله الندية العميقة بصورة تعجز عن وصفها العبارة البشرية القاصرة!
روى الترمذي والنسائي والحاكم من حديث حماد ابن سلمة عن ثابت عن أنس عن أبي طلحة قال: رفعت رأسي يوم أحد وجعلت أنظر وما منهم يومئذ أحد إلا يميل تحت جحفته من النعاس.
وفي رواية أخرى عن أبي طلحة: غشينا النعاس ونحن في مصافنا يوم أحد فجعل سيفي يسقط من يدي وآخذه ويسقط وآخذه..
أما الطائفة الأخرى؛ فهم ذوو الإيمان المزعزع الذين شغلتهم أنفسهم وأهمتهم والذين لم يتخلصوا من تصورات الجاهلية ولم يسلموا أنفسهم كلها لله خالصة ولم يستسلموا بكليتهم لقدره ولم تطمئن قلوبهم إلى أن ما أصابهم إنما هو ابتلاء للتمحيص وليس تخليًا من الله عن أوليائه لأعدائه ولا قضاء منه سبحانه للكفر والشر والباطل بالغلبة الأخيرة والنصر الكامل: {وطائفة قد أهمتهم أنفسهم يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية يقولون هل لنا من الأمر من شيء}.
إن هذه العقيدة تعلم أصحابها- فيما تعلم- أن ليس لهم في أنفسهم شيء فهم كلهم لله؛ وأنهم حين يخرجون للجهاد في سبيله يخرجون له ويتحركون له ويقاتلون له بلا هدف آخر لذواتهم في هذا الجهاد وأنهم يسلمون أنفسهم لقدره فيتلقون ما يأتيهم به هذا القدر في رضى وفي تسليم كائنًا هذا القدر ما يكون.
فأما الذين تهمهم أنفسهم وتصبح محور تفكيرهم وتقديرهم ومحور اهتمامهم وانشغالهم.. فهؤلاء لم تكتمل في نفوسهم حقيقة الإيمان. ومن هؤلاء كانت تلك الطائفة الأخرى التي يتحدث عنها القرآن في هذا الموضع. طائفة الذين شغلتهم أنفسهم وأهمتهم فهم في قلق وفي أرجحة يحسون أنهم مضيعون في أمر غير واضح في تصورهم ويرون أنهم دفعوا إلى المعركة دفعًا ولا إرادة لهم فيها؛ وهم مع ذلك يتعرضون للبلاء المرير ويؤدون الثمن فادحًا من القتل والقرح والألم.. وهم لا يعرفون الله على حقيقته فهم يظنون بالله غير الحق كما تظن الجاهلية. ومن الظن غير الحق بالله أن يتصوروا أنه سبحانه مضيعهم في هذه المعركة التي ليس لهم من أمرها شيء وإنما دفعوا إليها دفعًا ليموتوا ويجرحوا والله لا ينصرهم ولا ينقذهم؛ إنما يدعهم فريسة لأعدائهم ويتساءلون: {هل لنا من الأمر من شيء}.
وتتضمن قولتهم هذه الاعتراض على خطة القيادة والمعركة.. ولعلهم ممن كان رأيهم عدم الخروج من المدينة؛ ممن لم يرجعوا مع عبد الله بن أبي.. ولكن قلوبهم لم تكن قد استقرت واطمأنت..
وقبل أن يكمل السياق عرض وساوسهم وظنونهم، يبادر بتصحيح الأمر وتقرير الحقيقة فيما يتساءلون فيه ويرد على قولتهم: {هل لنا من الأمر من شيء}.
{قل إن الأمر كله لله}.
فلا أمر لأحد. لا لهم ولا لغيرهم. ومن قبل قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم {ليس لك من الأمر شيء}. فأمر هذا الدين والجهاد لإقامته وتقرير نظامه في الأرض وهداية القلوب له.. كلها من أمر الله وليس للبشر فيها من شيء إلا أن يؤدوا واجبهم ويفوا ببيعتهم ثم يكون ما يشاؤه الله كيف يكون!
ويكشف كذلك خبيئة نفوسهم قبل أن يكمل عرض وساوسهم وظنونهم: {يخفون في أنفسهم ما لا يبدون لك}.
فنفوسهم ملأى بالوساوس والهواجس حافلة بالاعتراضات والاحتجاجات؛ وسؤالهم: {هل لنا من الأمر من شيء}.. يخفي وراءه شعورهم بأنهم دفعوا إلى مصير لم يختاروه! وأنهم ضحية سوء القيادة وأنهم لو كانوا هم الذين يديرون المعركة ما لاقوا هذا المصير.
{يقولون لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا هاهنا}.
وهو الهاجس الذي يجيش في النفوس التي لم تخلص للعقيدة حينما تصطدم في موقعة بالهزيمة وحينما تعاني آلام الهزيمة! حين ترى الثمن أفدح مما كانت تظن؛ وأن الثمرة أشد مرارة مما كانت تتوقع؛ وحين تفتش في ضمائرها فلا ترى الأمر واضحًا ولا مستقرًا؛ وحين تتخيل أن تصرف القيادة هو الذي القى بها في هذه المهلكة وكانت في نجوة من الأمر لو كان أمرها في يدها! وهي لا يمكن- بهذا الغبش في التصور- أن ترى يد الله وراء الأحداث ولا حكمته في الابتلاء. إنما المسألة كلها- في اعتبارها- خسارة في خسارة! وضياع في ضياع!
هنا يجيئهم التصحيح العميق للأمر كله. لأمر الحياة والموت. ولأمر الحكمة الكامنة وراء الابتلاء: {قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم وليبتلي الله ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم والله عليم بذات الصدور}.
قل لو كنتم في بيوتكم؛ ولم تخرجوا للمعركة تلبية لنداء القيادة وكان أمركم كله لتقديركم.. لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم.. إن هنالك أجلًا مكتوبًا لا يستقدم ولا يستأخر. وإن هنالك مضجعًا مقسومًا لابد أن يجيء إليه صاحبه فيضجع فيه! فإذا حم الأجل سعى صاحبه بقدميه إليه وجاء إلى مضجعه برجليه لا يسوقه أحد إلى أجله المرسوم ولا يدفعه أحد إلى مضجعه المقسوم!
ويا للتعبير العجيب..
{إلى مضاجعهم}.. فهو مضجع إذن ذلك الرمس الذي تستريح فيه الجنوب، وتسكن فيه الخطى، وينتهي إليه الضاربون في الأرض.. مضجع يأتون إليه بدافع خفي لا يدركونه ولا يملكونه، إنما هو يدركهم ويملكهم؛ ويتصرف في أمرهم كما يشاء. والاستسلام له أروح للقلب وأهدأ للنفس وأريح للضمير!
إنه قدر الله. ووراءه حكمته: {وليبتلي الله ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم}.
فليس كالمحنة محك يكشف ما في الصدور ويصهر ما في القلوب فينفي عنها الزيف والرياء ويكشفها على حقيقتها بلا طلاء.. فهو الابتلاء والاختبار لما في الصدور ليظهر على حقيقته وهو التطهير والتصفية للقلوب فلا يبقى فيها دخل ولا زيف. وهو التصحيح والتجلية للتصور؛ فلا يبقى فيه غبش ولا خلل: {والله عليم بذات الصدور}.
وذات الصدور هي الأسرار الخفية الملازمة للصدور المختبئة فيها المصاحبة لها التي لا تبارحها ولا تتكشف في النور! والله عليم بذات الصدور هذه. ولكنه سبحانه يريد أن يكشفها للناس ويكشفها لأصحابها أنفسهم فقد لا يعلمونها من أنفسهم حتى تنفضها الأحداث وتكشفها لهم!. اهـ.

.سؤال وجواب:

فإن قيل: قد سبق ذِكْرُ الابتلاء في قوله: {ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ} [آل عمران: 152] فلم أعادَه؟
فالجواب: أنه أعادهُ؛ لطول الكلام بينهما، ولأن الابتلاء الأول هزيمة المؤمنين، والابتلاء الثاني سائر الأحوال.
فإن قيل: قوله: {وَلِيَبْتَلِيَ الله مَا فِي صُدُورِكُمْ} المرادُ منه القلب؛ لقوله: {القلوب التي فِي الصدور} [الحج: 46] فجعل متعلق الابتلاء ما انطوى عليه الصَّدْرُ- وهو ما في القلب من النِّيَّةِ- وجعل متعلق التمحيص ما في القلب- وهو النيات والعقائد- فلم خالف بين اللفظين في المتعلِّق؟
فالجوابُ: أنه لما اختلف المتعلَّقان حسنَ اختلافُ لفظَيْهما. اهـ..

.فوائد لغوية وإعرابية:

قال ابن عادل:
فى نصب أمنةً أربعة أوجه:
الأول: أنها مفعول {أنْزَلَ}.
الثاني: أها حال من {نُعَاسًا} لأنها في الأصل- صفةٌ، فلما قُدِّمَتْ نُصِبت حالًا.
الثالث: أنها مفعولٌ من أجْله، وهو فاسدٌ؛ لاختلال شَرْطِهِ- وهو اتحادُ الفاعلِ- فإنّ فاعل {أنْزَلَ} غير فاعلِ الأمَنَةِ.
الرابع: أنه حالٌ من المخاطبين في {عَلَيْكُمْ} وفيه حينئذٍ- تأويلانِ:
إما على حَذْف مضافٍ- أي ذوى أمَنَةٍ- وإما أن يكون {أمَنَةً} جمع آمن، نحو بار وبَرَرَة، وكافر وكَفَرَة.
وأما {نُعَاسًا} فإن أعْرَبْنا {أمَنَةً} مفعولًا به كان بدلًا، وهو بدل اشتمالٍ؛ لأن كُلًا من الأمَنَةِ والنُّعَاسِ يشتملُ على الآخر، أو عطف بيان عند غير الجمهورِ؛ فإنهم لا يشترطون جريانه في المعارِفِ، أو مفعولًا من أجلِهِ، وهو فاسدٌ؛ لما تقدم وإن أعربنا {أمَنَةً} حالًا، كان {نُعَاسًا} مفعولًا بـ {أنزَلَ} و{أنْزَلَ} عطف على {فأثَابَكُمْ} وفاعله ضمير اللهِ تعالى، وأل في {الْغَمِّ} للعهد؛ لتقدُّم ذِكْره ورد أبو حيان على الزمخشريِّ كون {أمَنَةً} مفعولًا به بما تقدم، وفيه نظرٌ، فإن الزمخشريَّ قال أو مفعولًا له بمعنى نعستم أمنة. فقدر له عاملًا يتحد فاعله مع فاعل {أمَنَةً} فكأنه استشعر السؤال، فلذلك قدرَ عاملًا على أنه قد يُقال: إن الأمَنَةَ من اللهِ تعالى، بمعنى أنه أوقعها بهم، كأنه قيل: أنزلَ عليكم النعاس ليُؤمِّنَكُمْ به.
و{أمَنَةً} كما يكون مصدرًا لمن وقع به الأمن يكون مصدرًا لمن أُوقِع به.
وقرأ لجمهور: أمَنَةً- بفتح الميم- إما مصدرًا بمعنى الأمن، أو جمع آمن، على ما تقدم تفصيله. والنَّخَعِيُّ وابن محيصن- بسكون الميم وهو مصدرٌ فقط، والأمْن والأمَنة بمعنًى واحدٍ، وقيل الأمْنُ يكون مع زوالِ سببِ الخَوفِ، والأمَنة مع بقاء سببِ الخوفِ.